ومنها: المبادرة إلى الدعاء، فقد روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إنما تعجل الصلاة وتجمع بينهما لتفرغ نفسك للدعاء والمسألة، ثم تأتي الموقف وعليك السكينة والوقار، فاحمد الله، وهلّله، ومجّده، واثن عليه، وكبّره مائة مرة، واحمده مائة مرة، وسبِّحه مائة مرة، واقرأ قل هو الله مائة مرة، وتخيّر لنفسك من الدعاء ما أحببت، واجتهد فإنه يوم دعاء ومسألة، وتعوَّذ بالله من الشيطان الرجيم، فإن الشيطان لن يذهلك في موطن قط أحب إليه من أن يذهلك في ذلك الموطن، وإياك أن تشتغل بالنظر إلى الناس وأقبل قِبَل نفسك،وليكن فيما تقول [له]: «اللهم إني عبدك فلا تجعلني من أخْيب وفدك، وارحم مسيري إليك من الفجِّ العميق».
وليكن فيما تقول: «اَللّهمَّ رَبَّ المَشاعَرِ کُلِّها فُکَّ رَقَبَتی مِنَ النّارِ، وَ أوْسِعْ عَلیَّ مِن رِزقِکَ الحَلالِ، وَ أدْرَأْ عَنّی شَرّ فَسَقَه الجنِّ وَ الانسِ، اللّهُمَّ لا تَمْکُرْ بی وَ لاَ تَخدَعِنی وَ لا تَستَدرِجنی یا أسمَعَ السّامِعینّ وَ یا أبصَرَ النّاظِرینَ وَ یا أسرَعَ الحاسِبِین وَ یا أرحَمَ الراحِمِینَ أسالُکَ أن تُصَلِّیَ عَلی مُحَمّدٍ وَ آلِ مُحمّدٍ وَ أن تَفعَلَ بی کَذا وَ کَذا».
وليكن فيما تقول وأنت رافع يديك إلى السماء: «اَللّهمَّ حاجَتی إلَیکَ الّتی إنْ أعْطَیْتَنیها لَم یَضُرّنی ما مَنَعتَنی وَ إنْ مَنَعتَنیها لَم یَنفَعنی ما أعطَیتَنی، أسألُکَ خَلاصَ رَقَبَتی مِنَ النّارِ».
وليكن فيما تقول: «اللّهمَّ إنّی عَبدُکَ وَ مِلْکُ یَدِکَ، ناصِیَتی بِیَدِکَ وَ أجَلی بِعِلمِکَ، أسألُکَ أنْ تُوفّقَنی لِما یُرضیکَ عَنی، و أنْ تُسلّمَ مِنّی مَناسِکی الَّتی أرَیتَها خَلیلَکَ إبراهیمَ صَلَواتُ الله عَلَیهِ وَ دَلَلَتَ عَلَیها نَبیِّکَ مُحَمّداً صَلّی الله عَلَیهِ وَ آلِهِ اَللّهمَّ أجعَلنی مِمَّن رَضَیتَ عَمَلَهُ و أطَلتَ عُمرَهُ وَ أحیَیْتَهُ بَعدَ المَوتَ حَيَاةً طَيِّبَة».
وروى أيضاً عنه (عليه السلام) الدعاء الذي علَّمه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام) وقال: انه كان دعاء من كان قبلي من الأنبياء وهو: «لا إله الا اللهُ وَحدَهُ لا شَریکَ لَهُ، لَهُ المُلکُ وَ لَهُ الحَمدُ، یُحیی وَ یَمُیتُ، وَ هُوَ حَیٌّ لا یَموتُ، بِیدِهِ الخَیرُ، وَ هُوَ عَلی کُلّ شی ءٍ قَدیرٌ، اَللّهمَّ لَکَ الحَمدُ کَالّذی تَقُولُ وَ خَیراً مِمّا تَقُول وَ فَوقَ مایَقُولُ القائِلُونَ، اَللّهمَّ لَکَ صَلاتی وَ نُسُکی وَ مَحیای وَ مَمَاتی، وَ لَکَ تُراثی وَ بِکَ حَولی وَ مِنکَ قُوّتی، اللّهمَّ إنّی أعوذُ بِکَ مِنَ الفَقرِ وَ مِن وساوس الصّدرِ وَ مِنْ شَتاتِ الامرِ وَ مِنْ عَذابِ القَبرِ، اَللّهمَّ إنّی أسألُکَ خَیرَ اللّیلِ وَ خَیرَ النّهارَ».
وفي خبر أبي بصير عنه (ع) قال: إذا أتيت الموقف فاستقبل البيت، وسبّح الله مائة مرة، وكبّر الله مائة مرة، وتقول: «ماشاء الله لا قوة إلَّا بالله»، مائة مرة، وتقول: «أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كلّ شيء قدير»، مائة مرة.
ثم تقرأ عشر آيات من سورة البقرة، ثم تقرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات، وتقرأ آية الكرسي حتى تفرغ منها، ثم تقرأ آية السخرة من سورة الاعراف: «إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ»، ثم تحمد الله عزوجل على كل نعمة أنعم بها عليك، وتذكر أنعمه واحدة واحدة ما أحصيت منها، وتحمد الله على ما أنعم عليك من أهل ومال وتحمد الله على ما أبلاك، وتقول: «اللهم لك الحمد على نعمائك التي لا تحصى بعدد ولا تكافى بعمل». وتحمده بكل آية ذكر فيها الحمد لنفسه في القرآن، وتسبحه بكل تسبيح ذكر به نفسه في القرآن، وتكبره بكل تكبير كبر به نفسه في القرآن، وتهلله بكل تهليل هلل به نفسه في القرآن، وتصلي على محمد وآل محمد وتكثر منه وتجتهد فيه، وتدعو الله بكل اسم سمى به نفسه في القرآن، وبكل اسم تحسنه، وتدعوه بأسمائه في آخر سورة الحشر وتقول: «أسْأَلُكَ يا اللّهُ يا رَحْمنُ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، وَ أسْأَلُكَ بِقُوَّتِكَ وَ قُدْرَتِكَ وَ عِزَّتِكَ، وَ بِجَمِيعِ ما أحاطَ بِهِ عِلْمُكَ، وَ بِجَمْعِكَ وَ بِأَرْكَانِكَ كُلِّهَا، وَ بِحَقِّ رَسُولِكَ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ وَ آلِهِ، وَ بِاسْمِكَ الْأَكْبَرِ الْأَكْبَرِ، وَ بِاسْمِكَ الْعَظِيمِ، الَّذِي مَنْ دَعاكَ بِهِ كانَ حَقّاً عَلَيْكَ أنْ لاتُخَيّبَهُ، وَ بِاسْمِكَ الْاعْظَمِ الْاعْظَمِ، الَّذِي مَنْ دَعاكَ بِهِ كانَ حَقّاً عَلَيْكَ أنْ لاتَرُدَّهُ وَ أَنْ تُعْطِيَهُ ما سَأَلَ، أنْ تَغْفِرَلِي جَمِيعَ ذُنُوبِي فِي جَمِيعِ عِلْمِكَ فِيَّ».
وتسأل الله حاجتك كلها من أمر الآخرة والدنيا، وترغب إليه في الوفادة في المستقبل في كل عام، وتسأل الله الجنة سبعين مرة وتتوب إليه سبعين مرة. وليكن من دعائك: «اللّهُمَّ فُكَّنِي مِنَ النّارِ، وَ أوْسِعْ عَلَىَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلالِ الطَّيِّبِ، وَ ادْرَأْ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَ الْانسِ، وَ شَرَّ فَسَقَةِ الْعَرَبِ وَ الْعَجَمِ».
فإن نفذ هذا الدعاء ولم تغرب الشمس فأعده من أوله إلى آخره ولا تمل من الدعاء والتضرع والمسألة.
وروى عبد الله بن سنان عنه (عليه السلام): «أنه تقول: اللهم اجعل لي في قلبي نوراً وفي سمعي وبصري نوراً وفي لحمي وعظامي ودمي وعروقي ومقعدي ومقامي ومدخلي ومخرجي نوراً وأعظم لي نوراً يا ربي يوم ألقاك إنك على كل شيء قدير».
وينبغي قراءة دعاء الإمام زين العابدين (عليه السلام) في يوم عرفة وهو الدعاء السابع والاربعون من أدعية الصحيفة السجادية.
وليكن آخر الأدعية دعاء الإمام الحسين (عليه السلام)، الوارد في هذا اليوم.
وينبغي أن يدعو لوالديه ولإخوانه المؤمنين.
(مسألة 351): يستحب الاجتماع للدعاء في الامصار فإنه يوم عظيم كثير البركة، وهو يوم دعاء ومسألة.
(مسألة 352): إذا غابت الشمس وزالت الحمرة المشرقية أفاض إلى المشعر بسكينة ووقار مشتغلًا بالدعاء والاستغفار مقتصداً في المشي فإذا انتهى إلى الكثيب الأحمر عن يمين الطريق يقول: «اللهم ارحم موقفي وزد في عملي وسلّم لي ديني وتقبّل مني مناسكي».
(مسألة 353): الأولى أن يؤخر فرض العشاءين مع بقاء الوقت إلى المزدلفة، ويجمع بينهما بأذان وإقامتين ثم يقضي نافلة المغرب بعد العشاء الآخرة.