مرجع: سید محمد سعید حکیم
موضوع: الوقوف في المشعر الحرام

الوقوف بالمشعر الحرام‏

والمراد به الكون فيه ولو راكباً أو نائماً، نظير ما تقدم في الوقوف بعرفة.

(مسألة 354): محل الوقوف هنا المشعر الحرام واسمه أيضاً (جَمْع) والمزدلفة. وهو مكان معروف.

وقد حدد شرعاً بأنه: من المأزمين إلى الحياض إلى وادي محسّر وإلى الجبل. والمرجع في معرفة هذه الحدود أهل المعرفة. وينبغي التنبه هنا إلى خروج هذه الحدود منه، فلا يجزي الوقوف فيها.

نعم، يجوز مع كثرة الاجتماع وضيق المكان الوقوف في المأزمين، وهو ما بين الجبلين الفاصلين بين عرفات والمشعر. ولا يجوز الوقوف على الجبل حتى مع الضيق.

(مسألة 355): للوقوف المذكور وقتان:

الأول: اختياري، وهو الوقوف من ليلة يوم النحر إلى ما بعد طلوع الفجر. والأحوط وجوباً أن يكون من نصف الليل إلى ما بعد الإسفار، بحيث يرى السائر طريقه. والأفضل أن تكون إفاضته منها قرب طلوع الشمس، بحيث‏

لا يخرج عن وادي محسّر- الذي هو بعد المشعر- إلى منى إلَّا بعد طلوعها. والأحوط استحباباً الإفاضة بعد طلوع الشمس. وهو مستحب للإمام .

الثاني: اضطراري، وهو الوقوف من طلوع الشمس يوم النحر إلى زوالها.

(مسألة 356): يجب استيعاب الوقت في الوقوف الاختياري على النحو المتقدم. لكن الركن هو الوقوف في جزء منه. بل يكفي في إدراك الوقوف الاختياري الوقوف قبل طلوع الشمس ولو بعد الفجر.

أما في الوقوف الاضطراري فلا يجب الاستيعاب بل يجزي الوقوف في بعض الوقت.

(مسألة 357): يجوز للخائف والضعيف الذي لا يقوى على الانتظار أو الزحام وللنساء والصبيان ومن يتولى شؤونهم الإفاضة ليلًا، لكن لابد من نية الوقوف بالمشعر ليلًا ولا يكفي العبور به من دون نية الوقوف فيه .

(مسألة 358): من أفاض من المشعر ليلًا وجب عليه الرجوع قبل الفجر، وإلَّا فبعده، فإن لم يرجع، فإن كان متعمداً في إفاضته جبره بشاة، وهو الأحوط وجوباً لمن كان جاهلًا أو ناسياً، هذا إذا نوى الوقوف بالمشعر، أما إذا مرّ عليه من عرفات إلى منى ولم ينو الوقوف فيه فإنه يجب عليه الرجوع، حتى بعد الفجر، بل بعد طلوع الشمس. لكن لو لم يفعل لم يفسد حجه. نعم، إن كان متعمداً في عبوره على المشعر وعدم وقوفه فيه حينئذٍ كان عليه بدنة.

(مسألة 359): من لم يدرك الوقوف الاختياري في المشعر أجزأه الوقوف الاضطراري، فيصح حجه به إن كان قد أدرك الوقوف الاختياري أو الاضطراري بعرفه. أما إذا لم يدركهما فلا يشرع له الوقوف الاضطراري بالمشعر، ولا يصح حجه به.

(مسألة 360): قد تحصل مما تقدم أنّ لإدراك موقفي عرفة والمشعر صوراً يحسن استقصاؤها تفصيلًا ..

الأولى: أن يدرك كلا الموقفين الاختياريين، ولا إشكال في صحة حجه حينئذٍ ويلحق بهذه الصورة من مرّ على المشعر ليلًا من عرفات إلى منى، على تفصيل تقدم.

الثانية: أن يدرك اختياري عرفة واضطراري المشعر. ويصح حجه حينئذٍ إن‏ لم يتعمد ترك اختياري المشعر، وإلَّا لم يصح حجه.

الثالثة: أن يدرك اختياري عرفه وحده، ولا يدرك الوقوف بالمشعر لا الاختياري، ولا الاضطراري. ولا يصح حجه حينئذٍ.

الرابعة: أن يدرك اضطراري عرفة واختياري المشعر. ويصح حجه حينئذٍ إن لم يتعمد ترك اختياري عرفة، وإلَّا لم يصح حجه على ما تقدم توضيحه في الفصل الثاني.

الخامسة: أن يدرك اضطراري عرفة واضطراري المشعر. ويصح حجه حينئذٍ إن لم يتعمد ترك الاختياريين أو أحدهما.

السادسة: أن يدرك اضطراري عرفة وحده، ولا يدرك الوقوف بالمشعر لا الاختياري ولا الاضطراري. ولا يصح حجه حينئذٍ.

السابعة: أن يدرك اختياري المشعر وحده. ويصح حجه إن لم يتعمد ترك موقف عرفة الاختياري أو الاضطراري.

الثامنة: أن يدرك اضطراري المشعر وحده، ولا يصح حجه حينئذٍ.

التاسعة: أن لا يدرك شيئاً من الموقفين. ولا يصح حجه حينئذٍ بلا إشكال.

(مسألة 361): يجب في الوقوف بالمشعر النية، على نحو ما تقدم في الوقوف بعرفة.

(مسألة 362): من فاته الحج لعدم إدراك الوقوف وكان محرماً بحج الافراد أو القران أو عمرة التمتع تنقلب وظيفته للعمرة المفردة، فيأتي بأعمالها ويتحلل من إحرامه بما يتحلل به من إحرامها، ولا تجزيه عن الحج، فيجب عليه الإتيان بالحج إن استقر في ذمته. وهو الأحوط وجوباً فيمن أحرم بحج التمتع، خصوصاً إذا كان مقصراً في عدم إدراك الموقفين، فلا يبني على بطلان إحرامه بمجرد عدم إدراك‏ الموقف .

(مسألة 363): يستحب لمن وقف بالمشعر أن يكثر من ذكر الله تعالى فيه وأن يحيي ليلته بالعبادة، ففي الصحيح عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «وان استطعت أن تحيي تلك الليلة فافعل، فإنه بلغنا أن أبواب السماء لا تغلق تلك الليلة لاصوات المؤمنين، لهم دوي كدوي النحل يقول الله جلّ ثناؤه: أنا ربُّكم و أنتم عبادي، أدَّيتم حقي، وحق علي أن أستجيب لكم، فيحط تلك الليلة عمن أراد أن يحط عنه ذنوبه ويغفر لمن أراد أن يغفر له».