مرجع: سید محمد سعید حکیم
موضوع: المبيت في منى

فيما يجب بمنى في أيام التشريق ولياليها

وهو أمران:

الأول: المبيت بمنى، ويجب المبيت بها ليلة الحادي عشر من ذي الحجة والثاني عشر منه. ويتخير الحاج بين النفر في اليوم الثاني عشر والنفر في اليوم الثالث عشر إلَّا في موارد يجب عليه فيها أن يبيت ليلة الثالث عشر ولا ينفر إلَّا في اليوم الثالث عشر.

أولها: أن يصيب الصيد، قتلًا، بل مطلقاً على الأحوط وجوباً.

ثانيها: أن يأتي النساء على الأحوط وجوباً، والأحوط استحباباً العموم لكل ما يتعلق بالنساء من محرمات الإحرام. بل يستحب المبيت ليلة الثالث عشر لكل من أتى غير ذلك من محرمات الإحرام، قيل: بل هو الأفضل لكل ناسك .

ثالثها: أن تغرب عليه الشمس ليلة الثالث عشر، وهو في منى قبل أن يخرج‏

منها .

(مسألة 446): لا يكون النفر في اليوم الثاني عشر إلَّا بعد الزوال أما النفر في اليوم الثالث عشر فيجوز في أي ساعة شاء بعد رمي الجمرات .

(مسألة 447): يتحقق المبيت الواجب بأحد أمرين:

الأول: أن يكون في منى من غروب الشمس إلى نصف الليل، ويجوز الخروج‏ حينئذٍ بعد نصف الليل على كراهة.

الثاني: أن يكون فيها عند طلوع الفجر. وإن كان الأفضل والأحوط استحباباً أن يكون فيها من نصف الليل إلى طلوع الفجر، والأحوط وجوباً عدم الاكتفاء بالكون فيها من قبل نصف الليل إلى ما بعده، بأن يدخلها عشاء مثلًا ويخرج منها سحراً .

(مسألة 448): يجوز الخروج من منى نهاراً للطواف وغيره، ولا يجب المقام بها إلَّا بمقدار رمي الجمرات وإن كان الأفضل عدم الخروج منها.

(مسألة 449): يجوز المبيت في مكة لمن كان منشغلًا بالعبادة، وإن كان الأفضل الرجوع إلى منى قبل الفجر، بحيث يطلع عليه الفجر فيها.

(مسألة 450): إذا بات بمكة غير منشغل بالعبادة كان عليه لكل ليلة شاة وكذا إذا بات بغير مكة وإن كان منشغلًا بالعبادة، والمتيقن من ذلك ما إذا قضى تمام الليل خارج منى، أما إذا قضى بعضه خارجها من دون أن يتحقق المبيت الواجب ففي وجوب الفدية إشكال وإن كان أحوط وجوباً .

(مسألة 451): لا تجب الفدية المذكورة مع الجهل أو النسيان أو الاضطرار أو الحرج. نعم، لو كان الاضطرار بسبب غلبة النوم فالظاهر لزوم الفدية.

(مسألة 452): لا تجب الكفارة على من خرج عن بيوت مكة القديمة قاصداً منى، فنام في الطريق حتى أصبح.

(مسألة 453): الأحوط وجوباً وقوع المبيت عن النية بالنحو المعتبر في العبادات ولو عجز عنها لصبى أو إغماء أو نحوهما سقط اعتبارها ولو أخل بها عمداً أو جهلًا أو نسياناً مع القدرة عليها لم تجب الفدية إذا تحقق المبيت الواجب.

(مسألة 454): يستحب عند الرجوع من مكة لمنى أن يقول: «اللهم بك وثقت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وعليك توكلت، فنعم الرب ونعم المولى ونعم النصير».

الثاني: مما يجب في منى، رمي الجمار الثلاث: الجمرة الأولى، والثانية، وهي الوسطى، والثالثة، وهي جمرة العقبة.

ويجب رميها في اليوم الحادي عشر من ذي الحجة والثاني عشر، أما اليوم الثالث عشر فلا يجب رميها فيه إلَّا على من لم ينفر في اليوم الثاني عشر ووجب عليه المبيت ليلة الثالث عشر.

(مسألة 455): لا يجوز الرمي ليلًا، بل يجب أن يكون في النهار، وبعد طلوع الشمس، إلّا لمن تقدم في رمي جمرة العقبة من أعمال يوم النحر جواز الرمي له ليلًا، عدا الرمي فإنها وإن جاز لها رمي العقبة ليلًا إلا أن الأحوط وجوباً أن ترمي يوم الحادي عشر والثاني عشر نهاراً .

(مسألة 456): يرمي كل جمرة بسبع حصيات على النحو المتقدم في رمي جمرة العقبة يوم النحر، وبالشروط المتقدمة هناك.

(مسألة 457): يجب الترتيب بين الجمار الثلاث في الرمي، فيرمي الأولى ثم الوسطى ثم جمرة العقبة. ولو خالفه أعاد على ما يحصيل به الترتيب، فلو رماها منكوسة أعاد رمي الوسطى ثم جمرة العقبة، ولو رمى الأولى ثم جمرة العقبة ثم الوسطى أعاد رمي جمرة العقبة فقط.

(مسألة 458): يكفي في حصول الترتيب في حق الناسي والجاهل رمي الجمرة بأربع حصيات فما زاد، فمن رمى السابقة بأربع ثم رمى اللاحقة كفاه إتمام رمي السابقة، ولم يحتج لاستئناف رمي اللاحقة. أما لو كان الرمي بأقل من أربع فلا يكفي تتميم رمي السابقة، بل لابد من استئناف رمي السابقة وإعادة رمي اللاحقة. أما العامد في الانقاص فلا يكفي في حقه ذلك، بل لابد له من الاستئناف على ما يحصل به الترتيب، والأحوط وجوباً حينئذٍ عدم الاجتزاء بما وقع من الرمي الناقص، فيستأنف رمي السابقة في الفرض، ولا يجتزئ بإكماله.

(مسألة 459): إذا فاتته جمرة وجهل عينها أعاد على الثلاث مرتباً بينها، وكذا إذا علم أنه قد رمى إحدى الجمرات أقل من أربع. أما لو علم أنه رمى إحدى‏ الجمرات أربع فمازاد ولم يتم لها سبع كفاه أن يكرر المقدار الفائت على الجمار الثلاث.

(مسألة 460): إذا فاته رمي يوم حتى دخل الليل قضاه في اليوم الثاني من أيام التشريق. ويقدم الفائت على الحاضر على الأحوط وجوباً. ويستحب الفصل بينهما والأولى أن يكون القضاء أول النهار والأداء عند الزوال، وإلَّا فليفصل بينهما بساعة. وكذا الحال لو فاته رمي جمرة واحدة من يوم.

(مسألة 461): إذا فاته رمي الجمار أو بعضه حتى رجع إلى مكة وجب عليه الرجوع لتدارك ذلك. والأفضل الفصل بين رمي الايام- لو تعدد الفائت- بساعة. هذا مع بقاء أيام التشريق، أما مع خروجها فالظاهر سقوط القضاء في عامه واستحبابه في العام الثاني فيأتي به بنفسه أو يستنيب فيه. وإن كان الأحوط استحباباً مع بقائه في مكة الجمع بين الرجوع للتدارك في العام والتدارك في العام الثاني بنفسه أو نائبه، أما مع خروجه من مكة فيقتصر على الثاني.

(مسألة 462): من ترك رمي الجمار لم تحرم عليه النساء ولم يبطل حجه ولم يجب عليه الحج من قابل، وإن كان متعمداً في تركه له.

تتميم: إذا ثبت هلال ذي الحجة بحكم المخالفين أجزأ الحج معهم ولا يجب تحرّي العمل على خلافه مما يقتضيه الميزان الشرعي، من دون فرق بين احتمال إصابتهم في الحكم والعلم بخطئهم فيه، ومن دون فرق بين الأعمال التي تقتضي التقية متابعتهم فيها لتضيق وقتها- كالوقوفين- وغيرها كالرمي والذبح والنفر.

نعم، لابد من ابتناء الحج بمقتضى أمر السلطان النافذ على وحدة الحج وتعيينه على طبق الحكم المذكور، كما هو المتعارف في عصورنا وفي أغلب العصور أو جميعها.أما لو ابتنى على أن لكل فئة أن تعمل على ما تريد فاللازم مراعاة ثبوت‏ الهلال بالوجه الشرعي. لكنه فرض لا واقع له في عصورنا .