(مسألة 466): يستحب بعد الفراغ من الحج طواف أُسبوع مع صلاته عن أبيه وأُمه وزوجته وولده وخاصته وجميع أهل بلده، ويجزيه طواف واحد عن الجميع. ولو أفرد لكل واحد طوافاً مع صلاته كان أولى.
(مسألة 467): يستحب أن يطوف مدة مقامه بمكة ثلاثمائة وستين طوافاً، كل طواف سبعة أشواط. فإن لم يتمكن، فاثنين وخمسين طوافاً تكون ثلاثمائة وأربعة وستين شوطاً، فإن لم يستطع فبما يقدر عليه، وقد ورد أن النبي (ص) كان يطوف عشر طوافات بالليل والنهار: ثلاثة أول الليل وثلاثة آخره، واثنين إذا أصبح واثنين بعد الظهر. والطواف في عشر ذي الحجة قبل الحج أفضل من سبعين طوافاً في الحج.
(مسألة 468): يستحب دخول الكعبة الشريفة زادها الله تعالى شرفاً، ففي الحديث: «الدخول فيها دخول في رحمة الله تعالى والخروج منها خروج من الذنوب».
ويتأكد استحبابه للصرورة، ولا يتأكد في حق النساء. ويستحب للداخل أن يكون حافياً.
(مسألة 469): يستحب الغسل لدخول الكعبة الشريفة، وهو يجزي عن الوضوء. وليقل إذا دخل: «اللّهُمَّ إنَّکَ قُلتَ وَ مَنْ دَخَلَهُ کانَ آمِناً، فآمِنِّی مِنْ عَذابِ النّارِ».
فإذا خرج منها استحب له التكبير ثلاثاً ثم يقول: «اَللّهُمَّ لا تَجْهَدْ بَلاءَنا، رَبَّنا وَ لا تُشمِتْ بِنا اَعْداءَنا، فَإِنَّکَ أنْتَ الضَّارُّ النّافِعُ».
وورد فيها أعمال كثيرة لا مجال لاستقصائها، ولا سيما مع ندرة تيسر دخولها في زماننا.
(مسألة 470): يستحب الشرب من ماء زمزم، بل الارتواء منه، فإن به يكون الشفاء ويصرف الداء، وبه تنال الحاجات وتدرك الطلبات، فقد ورد أنه خير ماء على وجه الارض، وأنه دواء مما شرب له، بل هو شفاء من كل داء، ويقول حين يشربه مستقبلًا الكعبة: «اللهم إني أسألك علماً نافعاً ورزقاً واسعاً وشفاء من كل داء وسقم».
كما يستحب حمله وإهداؤه واستهداؤه.
(مسألة 471): في صحيح معاوية بن عمار: «إذا أردت الولد افض عليك دلواً من ماء زمزم، ثم ادخل البيت (يعني الكعبة الشريفة) فإذا قمت على باب البيت فخذ بحلقة الباب ثم قل: «اللهم إن البيت بيتك والعبد عبدك وقد قلت: من دخله كان آمناً فآمنِّي من عذابك وأجرني من سخطك».
ثم ادخل البيت فصلِّ على الرخامة الحمراء ركعتين، ثم قم إلى الاسطوانة التي بحذاء الحجر والصق بها صدرك، ثم قل: «يا واحد يا أحد يا ماجد يا قريب يا بعيد يا عزيز يا حكيم لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين، وهب لي ذرية طيبة إنك سميع الدعاء».
ثم در بالاسطوانة فالصق بها ظهرك وبطنك وتدعو بهذا الدعاء.
(مسألة 472): ينبغي أن يزار مولد رسول الله (ص)، وأن يزار منزل خديجة (ع) الذي توفيت فيه وسكنه النبي (ص) معها في حياتها، وبعد وفاتها حتى هاجر إلى المدينة المنورة.
(مسألة 473): يستحب زيارة قبر خديجة وقبر أبي طالب، وهما في مقبرة مكة بالحجون. كما يستحب إتيان مسجد راقم، والغار الذي بجبل حراء، الذي كان النبي (ص) يتعبَّد به قبل نزول الوحي عليه وبعده، والغار الذي بجبل ثور الذي اختفى فيه النبي (ص) من المشركين لما هاجر إلى المدينة المنورة.
(مسألة 474): يستحب أن يختم القرآن مدة إقامته في مكة وأقله مرة واحدة.
(مسألة 475): يستحب لمن أراد الخروج من مكة إلى أهله أن لا يخرج حتى يشتري تمراً بدرهم، وهو يقارب ثلاثة غرامات فضة ويتصدق بالتمر قبضة قبضة لما كان منه في الحرم أو حال الإحرام، فيكون كفارة لما دخل عليه في الحج غفلة من حك أو سقوط قملة أو نحوهما.
(مسألة 476): يستحب لمن يريد الخروج أن يعزم على العود، فإنه يزيد في العمر إن شاء الله تعالى. ويكره العزم على عدمه، ويخشى منه قصر العمر.
(مسألة 477): يستحب لمن يريد الخروج أن يودّع البيت بأن يطوف بالبيت أُسبوعاً ويستلم الحجر الأسود والركن اليماني في كل شوط مع الإمكان، وإلَّا افتتح به وختم به إن تيسر له، ثم يأتي المستجار مثل يوم قدومه، فيصنع عنده مثل ما صنع يوم قدوم مكة، ثم يدعو لنفسه بما أراد، ثم يستلم الحجر الأسود، ثم يلصق بطنه بالبيت، ويحمد الله تعالى ويثني عليه ويصلي على محمد وآله ثم يقول: «اللهم صلِّ على محمد عبدك ورسولك [نبيك] وأمينك وحبيبك ونجيّك [نجيبك] وخيرتك من خلقك، اللهم كما بلّغ رسالاتك وجاهد في سبيلك وصدع بأمرك وأُذي في جنبك وعَبَدَك حتى أتاه اليقين، اللهم اقلبني مفلحاً منجحاً مستجاباً لي بأفضل ما يرجع به أحد من وفدك من المغفرة والبركة والرحمة والرضوان والعافية، اللهم إن أمتني فاغفر لي، وإن أحييتني فارزقنيه من قابل، اللهم لا تجعله آخر العهد من بيتك، اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، حملتني على دوابك وسيّرتني في بلادك، حتى أقدمتني حرمك وأمنك، وقد كان في حسن ظني بك أن تغفر لي ذنوبي، فإن كنت قد غفرت لي ذنوبي فازدد عني رضاً، وقرّبني إليك زُلفى، ولا تباعدني، وإن كنت لم تغفر لي فمن الان فاغفر لي قبل أن تنأى عن بيتك داري، فهذا أوان انصرافي إن كنت أذنت لي، غير راغب عنك ولا عن بيتك، ولا مستبدل بك ولا به، اللهم احفظني من بين يديَّ، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، حتى تبلغني أهلي، فإذا بلّغتني أهلي فاكفني مؤنة عبادك وعيالي، فإنك وليّ ذلك من خلقك ومني».
ثم ائت زمزم فاشرب من مائها، ثم اخرج وقل: «آئبون تائبون عابدون، لربنا حامدون، إلى ربّنا راغبون، إلى الله راجعون إن شاء الله».
روي أنَّ أبا عبد الله الصادق (ع) لما ودَّعها وأراد أن يخرج من المسجد الحرام خرّ ساجداً عند باب المسجد طويلًا ثم قام فخرج.
أما الحائض فإنها تقف على أقرب باب من أبواب المسجد فتودعه.